- القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة النحل - الآية 67
- ص135 - التفسير البياني لما في سورة النحل من دقائق المعاني - - المكتبة الشاملة الحديثة
- تفسير: (ومن ثمرات النخيل والأعناب ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون)
- وجملة (تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا) تفسير لجملة (ومن ثمرات النخيل والأعناب) ولم تعطف جملة (تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا) على جملة (ومن ثمرات النخيل والأعناب) ؛ وذلك لأن بينهما كما يقوم علماء البلاغة: كمال اتصال، ولأجل كمال الاتصال بين الآيتين لم يقع العطف، وهذا ما يسمى في علم البلاغة بـ "الفصل". - (تتخذون منه) الاتخاذ بمعنى الجعل، أي: تجعلون منه، وهذا ما نسميه في عصرنا بالتصنيع الغذائي. - (سكرا) جمهور العلماء أن السكر هو الخمر، من باب إطلاق المصدر على الاسم، نقول سكر سكرا وسكرا. والامتنان بالخمر على قريش كان قبل تحريمها، فإن هذه الآيات مكية، وإنما حرمت الخمر بالمدينة، فامتن الله سبحانه بما هو مباح وحلال في ذلك الوقت، ولذلك قال تعالى (تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا) فوصف الله الرزق بالحسن، ولكنه لم يصف السكر بالحسن رغم إباحته في ذلك الوقت؛ لأنه خبيث، وإنما أباحه الله في ذلك الزمن من باب التيسير على الداخلين في الإسلام، لأن عليهم تبعات عظيمة لتغيير واقعهم الجاهلي، ولله الحكمة البالغة، (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) (الأنبياء: 23) وروي عن بعضهم أنه نبيذ التمر غير المسكر، أي الماء الذي يوضع فيه التمر ويترك حتى يصبح شرابا حلوا غير مسكر.
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة النحل - الآية 67
قال ابن العربي: أسد هذه الأقوال قول ابن عباس ، ويخرج ذلك على أحد معنيين ، إما أن يكون ذلك قبل تحريم الخمر ، وإما أن يكون المعنى: أنعم الله عليكم بثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه ما حرم الله عليكم اعتداء منكم ، وما أحل لكم اتفاقا أو قصدا إلى منفعة أنفسكم. والصحيح أن ذلك كان قبل تحريم الخمر فتكون منسوخة; فإن هذه الآية مكية باتفاق من العلماء ، وتحريم الخمر مدني. قلت: فعلى أن السكر الخل أو العصير الحلو لا نسخ ، وتكون الآية محكمة وهو حسن. قال ابن عباس: الحبشة يسمون الخل السكر ، إلا أن الجمهور على أن السكر الخمر ، منهم ابن مسعود وابن عمر وأبو رزين والحسن ومجاهد وابن أبي ليلى والكلبي وغيرهم ممن تقدم ذكرهم ، كلهم قالوا: السكر ما حرمه الله من ثمرتيهما. وكذا قال أهل اللغة: السكر اسم للخمر وما يسكر ، وأنشدوا: بئس الصحاة وبئس الشرب شربهم إذا جرى فيهم المزاء والسكر والرزق الحسن: ما أحله الله من ثمرتيهما. وقيل: إن قوله تتخذون منه سكرا خبر معناه الاستفهام بمعنى الإنكار ، أي أتتخذون منه سكرا وتدعون رزقا حسنا الخل والزبيب والتمر; كقوله: فهم الخالدون أي أفهم الخالدون. والله أعلم. وقال أبو عبيدة: السكر الطعم; يقال: هذا سكر لك أي طعم.
تاريخ الإضافة: 19/2/2018 ميلادي - 3/6/1439 هجري
زيارة: 24698
♦ الآية: ﴿ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: النحل: (67). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ ومن ثمرات ﴾ أَيْ: ولكم منها ما ﴿ تتخذون منه سكراً ﴾ وهو الخمر نزل هذا قبل تحريم الخمر ﴿ ورزقاً حسناً ﴾ وهو الخلُّ والزَّبيب والتَّمرُ ﴿ إنَّ في ذلك لآية لقومٍ يعقلون ﴾ يريد: عقلوا عن الله تعالى ما فيه قدرته.
وقد قيل في تأويل الآية: إنها إنما ذكرت للاعتبار ، أي من قدر على خلق هذه الأشياء قادر على البعث ، وهذا الاعتبار لا يختلف بأن كانت الخمر حلالا أو حراما ، فاتخاذ السكر لا يدل على التحريم ، وهو كما قال - تعالى -: قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس. والله أعلم.
ص135 - التفسير البياني لما في سورة النحل من دقائق المعاني - - المكتبة الشاملة الحديثة
بينما خروج اللبن من بين الفرث والدم، لا يعلم حقيقته إلا من أعمل عقله وعلمه.
فإن قيل: فقد أحل شربه إبراهيم النخعي وأبو جعفر الطحاوي وكان إمام أهل زمانه ، وكان سفيان الثوري يشربه. قلنا: ذكر النسائي في كتابه أن أول من أحل المسكر من الأنبذة إبراهيم النخعي ، وهذه زلة من عالم وقد حذرنا من زلة العالم ، ولا حجة في قول أحد مع السنة. وذكر النسائي أيضا عن ابن المبارك قال: ما وجدت الرخصة في المسكر عن أحد صحيحا إلا عن إبراهيم. قال أبو أسامة: ما رأيت رجلا أطلب للعلم من عبد الله بن المبارك الشامات ومصر واليمن والحجاز. وأما الطحاوي وسفيان لو صح ذلك عنهما لم يحتج بهما على من خالفهما من الأئمة في تحريم المسكر مع ما ثبت من السنة; على أن الطحاوي قد ذكر في كتابه الكبير في الاختلاف خلاف ذلك. قال أبو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد له: قال أبو جعفر الطحاوي اتفقت الأمة على أن عصير العنب إذا اشتد وغلى وقذف بالزبد فهو خمر ومستحله كافر. واختلفوا في نقيع التمر إذا غلى وأسكر. قال: فهذا يدلك على أن حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنب غير معمول به عندهم; لأنهم لو قبلوا الحديث لأكفروا مستحل نقيع التمر ، فثبت أنه لم يدخل في الخمر المحرمة غير عصير العنب الذي قد اشتد وبلغ أن يسكر.
وسيأتي في التحريم. وأما حديث ابن عباس فقد روي عنه خلاف ذلك من رواية عطاء وطاوس ومجاهد أنه قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام ، ورواه عنه قيس بن دينار. وكذلك فتياه في المسكر; قاله الدارقطني. والحديث الأول رواه عنه عبد الله بن شداد وقد خالفه الجماعة ، فسقط القول به مع ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما ما روي عن عمر من قوله: ليس يقطعه في بطوننا إلا النبيذ ، فإنه يريد غير المسكر بدليل ما ذكرنا. وقد روى النسائي عن عتبة بن فرقد قال: كان النبيذ الذي شربه عمر بن الخطاب قد خلل. قال النسائي: ومما يدل على صحة هذا حديث السائب ، قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن ابن القاسم: حدثني مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد ، أنه أخبره أن عمر بن الخطاب خرج عليهم فقال: إني وجدت من فلان ريح شراب ، فزعم أنه شراب الطلاء ، وأنا سائل عما شرب ، فإن كان مسكرا جلدته ، فجلده عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الحد تاما. وقد قال في خطبته على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما بعد ، أيها الناس فإنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: من العنب والعسل والتمر والحنطة والشعير. والخمر ما خامر العقل. وقد تقدم في المائدة.
تفسير: (ومن ثمرات النخيل والأعناب ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون)
المعنى أنهم جهلوا أن الرب يأمر بما يشاء ويكلف ما يشاء ، ويرفع من ذلك بعدله ما يشاء ويثبت ما يشاء وعنده أم الكتاب. قلت: هذا تشنيع شنيع حتى يلحق فيه العلماء الأخيار في قصور الفهم بالكفار ، والمسألة أصولية ، وهي أن الأخبار عن الأحكام الشرعية هل يجوز نسخها أم لا ؟ اختلف في ذلك ، والصحيح جوازه لهذه الآية وما كان مثلها ، ولأن الخبر عن مشروعية حكم ما يتضمن طلب ذلك المشروع ، وذلك الطلب هو الحكم الشرعي الذي يستدل على نسخه. وأما ما ذكروا من الأحاديث فالأول والثاني ضعيفان; لأنه - عليه السلام - قد روي عنه بالنقل الثابت أنه قال: كل شراب أسكر فهو حرام وقال: كل مسكر خمر وكل مسكر حرام وقال: ما أسكر كثيره فقليله حرام. قال النسائي: وهؤلاء أهل الثبت والعدالة مشهورون بصحة النقل ، وعبد الملك لا يقوم مقام واحد منهم ولو عاضده من أشكاله جماعة ، وبالله التوفيق. وأما الثالث وإن كان صحيحا فإنه ما كان يسقيه للخادم على أنه مسكر ، وإنما كان يسقيه لأنه متغير الرائحة. وكان - صلى الله عليه وسلم - يكره أن توجد منه الرائحة ، فلذلك لم يشربه ، ولذلك تحيل عليه أزواجه في عسل زينب بأن قيل له: إنا نجد منك ريح مغافير ، يعني ريحا منكرة ، فلم يشربه بعد.
قال: ثم لا يخلو من أن يكون التحريم معلقا بها فقط غير مقيس عليها غيرها أو يجب القياس عليها ، فوجدناهم جميعا قد قاسوا عليها نقيع التمر إذا غلى وأسكر كثيره وكذلك نقيع الزبيب. قال: فوجب قياسا على ذلك أن يحرم كل ما أسكر من الأشربة. قال: وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: كل مسكر حرام واستغني عن مسنده لقبول الجميع له ، وإنما الخلاف بينهم في تأويله ، فقال بعضهم: أراد به جنس ما يسكر. وقال بعضهم: أراد به ما يقع السكر عنده كما لا يسمى قاتلا إلا مع وجود القتل. قلت: فهذا يدل على أنه محرم عند الطحاوي لقوله ، فوجب قياسا على ذلك أن يحرم كل ما أسكر من الأشربة. وقد روى الدارقطني في سننه عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: إن الله لم يحرم الخمر لاسمها وإنما حرمها لعاقبتها ، فكل شراب يكون عاقبته كعاقبة الخمر فهو حرام كتحريم الخمر. قال ابن المنذر: وجاء أهل الكوفة بأخبار معلولة ، وإذا اختلف الناس في الشيء وجب رد ذلك إلى كتاب الله وسنة رسوله - عليه السلام - ، وما روي عن بعض التابعين أنه شرب الشراب الذي يسكر كثيره فللقوم ذنوب يستغفرون الله منها ، وليس يخلو ذلك من أحد معنيين: إما مخطئ أخطأ في التأويل على حديث سمعه ، أو رجل أتى ذنبا لعله أن يكثر من الاستغفار لله - تعالى - ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الله على الأولين والآخرين من هذه الأمة.
- ص135 - التفسير البياني لما في سورة النحل من دقائق المعاني - - المكتبة الشاملة الحديثة
- 2021-10-19 – كلية الادارة والاقتصاد – جامعة كربلاء
- مولات الدمام - كوكيز السياحى
وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) قوله تعالى: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: ومن ثمرات النخيل قال الطبري: التقدير ومن ثمرات النخيل والأعناب ما تتخذون; فحذف " ما " ودل على حذفه قوله: منه. وقيل: المحذوف شيء ، والأمر قريب. وقيل: معنى منه أي من المذكور ، فلا يكون في الكلام حذف وهو أولى. ويجوز أن يكون قوله: ومن ثمرات عطفا على الأنعام; أي ولكم من ثمرات النخيل والأعناب عبرة. ويجوز أن يكون معطوفا على مما أي ونسقيكم أيضا مشروبات من ثمرات. الثانية: قوله تعالى: سكرا السكر ما يسكر; هذا هو المشهور في اللغة. قال ابن عباس: نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر. وأراد بالسكر الخمر ، وبالرزق الحسن جميع ما يؤكل ويشرب حلالا من هاتين الشجرتين. وقال بهذا القول ابن جبير والنخعي والشعبي وأبو ثور. وقد قيل: إن السكر الخل بلغة الحبشة ، والرزق الحسن الطعام. وقيل: السكر العصير الحلو الحلال ، وسمي سكرا لأنه قد يصير مسكرا إذا بقي ، فإذا بلغ الإسكار حرم.
- فايزة عديس عبدالغني القرشي
- فنادق خليج نعمة
- كلية العلوم الصحية بالليث
- الوظائف التعليمية 1439
- موعد معرض الكتاب بالرياض 2012.html